علوم الأرض والجيولوجيا

الصحارى القديمة

2013 دليل الصحارى

السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علوم الأرض والجيولوجيا

وبهذه الأدوات أصبح بوسعنا الآن القول إن آخر عصر جليدي كان جافاً جداً في الصحارى. وتحيط بها كلها بحار رملية قديمة، تم تثبيت كثبانها الآن بأعشاب وأغصان والبعض منها مزروعة أيضاً.

وتظهر هذه الرواسب أن الصحارى ربما كانت ذات اتساع مضاعف مما هي عليه اليوم، وربما كانت أكبر حجماً خلال بعض فترات العصر الرابع. وبعيداً عن صحارى اليوم، كانت هناك مجموعات من حقول الكثبان النشطة في شمال أوروبا والسهول الكبرى في أميركا الشمالية وتسمانيا.

وقد دفنت سحب الغبار الضخمة من الصحارى والمخلفات الجليدية أجزاء كبيرة من الغرب الأوسط للولايات المتحدة وشمالي أوروبا وروسيا واوكرانيا والصين وشمالي باكستان والأرجنتين بكميات من رواسب الغبار الذي قذفته الريح، وأصبحت تلك المناطق اليوم المادة الأم للبعض من أكثر أنواع التربة انتاجاً في العالم.

ويتمثل الشيء الأكثر اثارة لإهتمام المؤرخين علماء ما قبل التاريخ في توافر دليل على وجود سلسلة من فترات أقصر من الرطوبة والجفاف الى ما يقارب الفترة التاريخية. وعلى سبيل المثال، نحن نعلم انه منذ حوالي 6000 سنة كانت بحيرة تشاد بحيرة ضخمة من المياه العذبة وأكبر من بحر قزوين اليوم. وقد تم استخراج زورق طويل من العصر الحجري الحديث من الشواطىء العالية في «ميغاتشاد» في نيجيريا.

ونحن نعلم أيضاً أن البحيرة كانت أكبر في فترات قبل ذلك (ربما خلال آخر فترتين جليديتين «interglacial» أو قبل ذلك). وكانت هناك بحيرات اخرى – رغم أن أياً منها لم يكن في مثل حجمها- في شمال غربي السودان وشمال مالي وليبيا (على الرغم من أن بعضها يرجع الى فترات أقدم في العصر الرابع).

 

وقد امتلأت ترسبات بحيرة «ميغاتشاد» بتماسيح متحجرة استمرت سلالتها في البقاء وهي موجودة في أحواض جبال «إندي» المجاورة. وفي كافة أنحاء الصحراء الكبرى تظهر البقايا الأثرية – بما في ذلك اللوحات الصخرية- وطبقات الغبار القديمة ان البحيرات الكبرى كانت ترافقها حياة نباتية في البطحاء (Savanne)، وانها وفرت الدعم والإسناد لأعداد كبيرة من السكان.

وفيما يتعلق بفترات الجفاف بين الفترات الرطبة، تظهر أسس البحار العميقة وجود نقص حاد في هطول المطر، وزيادة في الغبار منذ حوالي 4200 سنة وتصادف ذلك مع نهاية الأمبراطورية الأكادية في بلاد الرافدين وحضارة وادي «اندس» في باكستان والهند.

وفي أميركا الشمالية أصبحت الكثبان في تلال نبراسكا الرملية نشطة أكثر من مرة بعد تراجع الجليد وذلك قبل أن تصبح مكسوّة بالأعشاب كما هي اليوم.

وليس من سبب للإعتقاد بأننا وصلنا الى نهاية تاريخ المناخ. والتغيرات المماثلة لتلك التي دمرت الحضارات قبل 4000 سنة، تكاد تكون مؤكدة الحدوث من جديد، ولكن ما زلنا لا نملك فكرة جيدة إزاء متى سوف يحدث ذلك.

 

ويتمثل الشيء الأكثر مدعاة للقلق في وجود دليل قوي على أننا نعاني من تغير في المناخ سببه قيامنا بضخ كميات متزايدة من ثاني اكسيد الكربون (وبعض الغازات الاخرى) في الجو. وقد ارتفعت درجات الحرارة في السنوات القليلة الماضية بحدة تفوق ما كان الحال عليه من قبل في السجل المتاح من أحوال المناخ، وربما قبل ذلك بفترة طويلة.

وتعني الظروف الأشد حرارة وبصورة محتمة المزيد من التبخر والتعرق وبالتالي وجود ظروف أكثر جفافاً. وتظهر نماذج المناخ أن هذا قد لا يؤثر على العديد من الصحارى، نظراً لأنها في الأصل شديدة الجفاف، غير أن بعض الصحارى، وخاصة تلك الموجودة في جنوبي أفريقيا، قد تتوسع الى مناطق هي الآن شبه جافة.

كما أن الصحارى التي تعتمد على الأنهار الجليدية أو ذوبان الثلوج (جنوب غربي الولايات المتحدة والصحارى المحيطة بالأنديز وكل صحارى آسيا الوسطى) سوف تعاني بدرجة أشد، بسبب تراجع الأنهار الجليدية واختفائها. وتُظهر بعض النماذج أن الحافة الساحلية للصحراء الكبرى تزداد رطوبة، ولكن بصورة بطيئة الى حدّ ما… إذا حصل ذلك أساساً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى