العلوم الإنسانية والإجتماعية

الدفع المالي لعملية تحليل الكلفة – العائد والآثار المترتبة على عدم الدفع

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عملية تحليل الكلفة – العائد العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

إن أهمية النظر بشكل واضح لمسألة المساواة عند تحليل ظاهرة الاحتباس الحراري والغرض منه التأكيد عليها من وجهة نظر آخرى.

فتحليل الكلفة – العائد يحتاج لقيم نقدية. ولعل أكبر إشارة لاستعدادنا للدفع (Willingness to Pay: WTP) هي القيم النقدية التي نضعها على السلع والخدمات.

ففي العديد من المرات تقاس رغبتنا في الدفع من خلال أسعار السوق. وواقعاً، إن الأسعار ذاتها هي التي تكشف عن الرغبة بالدفع الإجمالي.

 

ففي بعض الحالات، خاصة بالنسبة إلى السلع والخدمات البيئية غير المتداولة في السوق، يجب أن تكون الرغبة في الدفع تدل على سلوك المستهلكين في الأسواق البديلة، أو من المسوحات الاحصائية المباشرة.

وفي حالات أخرى، عندما يواجه احتمال فقدان سلعة أو خدمة ما، يتم قياس القيمة من خلال الرغبة في القبول (WTA) لدفع تعويض عن فقدان تلك السلعة.

فالرغبة بالدفع (WTP) والرغبة في القبول (WTA) على أية حال هما مصطلحان مخادعان. فكلاهما مقيد أو يتأثر بالقدرة على الدفع، أو الدخل.

 

ففي الواقع، إن توزيع الدخل بين الأفراد سيحدد الرغبة في الدفع الكلي سواء كانت أسعار السلع والخدمات واضحة أم ضمنية.

كما أن الأسعار تستخدم لقياس استثمار العوائد والتكاليف، حيث يترتب على ذلك توزيع الدخل الذي سيولد أسعاراً مختلفة، فتختلف نتيجة ذلك القيم النقدية للعوائد  والكلف، وبالتالي تكون نتائج النسب المتحصل عليها مختلفة في [تحليل] الكلفة – العائد.

فتعدد النسب لتحليل الكلفة-العائد تقوّضه كأداة مساعدة لصنع القرار، فأي نسبة ستكون هي الفيصل؟ وعلى وجه الخصوص، إذا اعتبر توزيع الدخل القائم توزيعاً ظالماً على نطاق واسع ، فإن نتائج تحليل الكلفة –العائد المستندة إلى ذلك التوزيع ستكون قد شابها الكثير من الخلل.

 

والحل لهذه المعضلة، لا يختلف عن التسوية التي يقوم عليها اختبار التعويض الافتراضي لـ كالدور- هيكس.

حيث أكد أن ذلك حاصلا في مجتمع ديمقراطي، مع اللجوء إلى أداء المؤسسات السياسية والنظم الضريبية للقيام بعملية إعادة التوزيع للدخل.

ويمكن للمرء الافتراض بأن توزيع الدخل الحالي "مجرد" و "عادل". وعليه فمجموعة الأسعار المستندة إلى تحليل الكلفة – العائد يمكن اعتبارها عادلة أو على الأقل لا يشوبها الخلل.

 

مرة أخرى، اللجوء إلى نظام سياسي لضمان التوزيع العادل للدخل يتعثر عندما يتعلق الأمر بظاهرة الاحتباس الحراري. فليس هناك حكومة عالمية قائمة يتم من خلالها امكانية فرض حدود أهداف المساواة ديمقراطياً.

فثلة قليلة ستجادل بأن توزيع الدخل العالمي هو "مجرد" أو "عادل" أو منصف. ولكن توزيع الدخل الحالي والمحتمل مستقبلا تترتب عليه هيكلية الأسعار العالمية، التي هي مدخلات لتحليل نموذج الكلفة – العائد.

وإن المخرجات من هذه التحليلات تدعم إما عدوانية التغير الوشيك في المناخ، أو استجابة ضمن الحدود الدنيا لهذه التغيرات المناخية الوشيكة الوقوع.

 

وباختصار، إذا ما تُركت من دون تسويتها، فتحليل الكلفة – العائد لظاهرة الاحتباس الحراري ستنعكس على نمطية توزيع الدخل العالمي، التي تعتبر غير عادلة على نطاق واسع.

يمكن توضيح هذه المشكلة في سياق محدد جداً. فمن المتفق عليه على نطاق واسع جداً أن الاحتباس الحراري سوف يتسبب بحالات وفاة إضافية، وإن هذه الوفيات ستحدث على نحو لا يتناسب مع أوضاع الدول الفقيرة.

والطريقة المعيارية لإيقاف زيادة الوفيات هي تقدير "قيمة الحياة الإحصائية" (Value of Statistical Life: VSL).

 

فتقديرات قيمة الحياة الإحصائية في الولايات المتحدة الأميركية والمستمدة أساساً من "نماذج الأجور المتحصل عليها" (Hedonic Wage Models)، التي تقدر بما مقداره ستة ملايين دولار(4) (Viscusi and Aldy 2004).

فإذا ما تم التعبير عن هذه القيمة من خلال فرق الدخل ما بين الأفراد في البلدان المختلفة وليكن، ما بين الهند والولايات المتحدة الأميركية، فإن تقديرات الرغبة في الدفع لإنقاذ الحياة في الهند إحصائياً ستكون أقل من 500,000$.

وإذا ما تم استخدام هذه القيمة في مشروع لاحتساب التكلفة النقدية لوفيات الهند، فإننا سنترك في موقف غير أخلاقي وغير مريح بالمرة وذي مسؤولية منخفضة محدودة متكورة على نفسها بأضرار ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويضعف من سياسة التخفيف، ويزيد من الوفيات في البلدان الفقيرة، وكل هذا الضررالممكن الحصول في البلدان الفقيرة سببه إعطاؤها وزناً نقدياً متندنياً.

 

في الواقع إن الجزء الأكبر من الأضرار تتحمله البلدان الفقيرة، وانخفاض القيمة النقدية للأضرار يضعف سياسة التخفيف، مما يؤدي إلى معاناة تلك البلدان من أضرار أكثر.

فجذور المشكلة بطبيعة الحال، تعود بالتأكيد إلى غياب نظام سياسي دولي يعمل على معالجة أوجه عدم المساواة في الدخل.

وكل هذا يشير في بعض منه إلى أحتمالية حدوث أضرار بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري –التي تتحمل تكاليف- ربما تكون ضرورية. فالوزن الاجتماعي يمكن أن يعالج تلك المشكلة التي سنركز عليها في الفصل القادم.

ويتضح من ذلك، أن وزن القضية هو معقد أكثر مما يبدو للعيان. ويكفي هنا أن نلاحظ أن أبعاد تحقيق أهداف المساواة لسياسات المناخ تتقاطع مرة أخرى بشطل أساسي مع اعتبارات هدف الكفاءة، وتحليل الكلفة – العائد  بالضرورة يجب أن يكون حساساً لكليهما(5).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى