الفيزياء

الجسيمات تحت الذرية

2016 عصر الذرة

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

الفيزياء

بحلول العقد الثاني من القرن العشرين توافرت للعلماء معلومات أدت إلى تصوير الذرة مكونة من نواة موجبة الشحنة الكهربائية تحيط بها غمامة من الإلكترونات سالبة الشحنة.

نستخلص من ذلك أن الذرة ليست «جسيماً أوليا» – أي انها ليست جسيماً غير قابل للانقسام، وبالتالي لا تعتبر لبنة البناء الأساسية للمادة. وخلال فترة قصيرة نسبياً تمكن العلماء من اكتشاف جسيمات أقل كتلة بكثير من الذرة.

وجـــد الفيزيائــــي الإنجليـــــزي من أصل نيوزلندي أرنســت رذرفــورد (١٨٧١ – ١٩٣٧) أن قذف ذرات النيتروجين بقذائف جسيمات ألفا يؤدي إلى تحرير ذرات هيدروجين.

واستنتج من ذلك احتواء النيتروجين على نوى الهيدروجين. واقترح عام ١٩٢٠ تسمية نواة ذرة الهيدروجين «البروتون» (من المفردة الإغريقية بروتوس التي تعني «الأول» ).

تبلغ كتلة البروتون ١,٨٣٦.١٢ ضعف كتلة الإلكترون وبالتالي تعتبر كتلة الذرة مساوية لكتلة نواتها تقريبا. كما اقترح رذرفورد في السنة نفسها أيضا إحتواء الذرات، عدا الهيدروجين، جسيمات متعادلة الشحنة الكهربائية.

 

تقلد رذرفورد منصب أستاذ الفيزياء ومدير مختبر كافندش بجامعة كيمبردج عام ١٩١٩. ركزت أبحاثه على تحطيم نوى الذرات بإطلاق جسيمات ألفا (نواة ذرة الهيليوم) عليها.

وقام الفيزيائي الإنجليزي باترك بلاكيت (١٨٩٧- ١٩٧٤) عام ١٩٢٥ بتطوير غرفة الفقاعات – التي ابتكرها الفيزيائي الإسكتلندي سي. تي. آر. ولسون (١٨٦٩-١٩٥٩) – وتحويرها إلى جهاز لتسجيل معدل انحلال الذرات.

لكن جسيمات ألفا لم تكن قوية بما يكفي لتحطيم نوى ذرات كبيرة الكتلة، إذ كانت قوة التنافر الكهربائي كافية لارتداد جسيمات ألفا دون أن تصيب هدفها وتحطم النواة. كانت الحاجة ماسة إلى إيجاد جسيمات أعلى طاقة من طاقة جسيمات ألفا، ونحو هذا المسعى شيد جون كوكروفت (١٨٩٧-١٩٦٧) والفيزيائي الإيرلندي إرنست والتون ( ١٩٠٣- ٩٥)، شيدا أول معجل (مسرع) للجسيمات في مختبر كافندش.

استخدام المعجل مغناطيساً كهربائياً بالغ الشدة لتسريع البروتونات قبل توجيهها نحو أهدافها. (المترجم: يجب التنويه إلى أن المغناطيس وحده لن يؤدي إلى تسريع الجسيمات المشحونة، بل يعمل على انحرافها عن مسارها فقط. يعتمد عمل المسرع على وجود المجالين الكهربائي – للتسريع – والمغناطيسي – لتعديل المسار)

 

خلال العشرينيات من القرن العشرين قاد الفيزيائي الألماني وولتر بووث (١٨٩١- ١٩٥٧) ومجموعة من العلماء لإجراء عددٍ من التجارب من خلال إطلاق جسيمات ألفا على عناصر صغيرة الوزن الذري من بينها البريليوم والبورون والليثيوم.

اكتشفت مجموعة بووث عام ١٩٣٠ أن قذف هذه العناصر أدي إلى انبعاث إشعاع عالي النفاذية. ظن العلماء في البداية أن الإشعاعات الصادرة هي إشعاعات غاما، رغم أن قدرتها على النفاذ عند تسليطها على مادة ما كانت أكبر بكثير من قدرة أشعة غاما المعروفة أيامها.

توصل الفيزيائيان الفرنسيان آرين (١٨٩٧- ١٩٥٦) وفريدريك (١٩٠٠- ٥٨) جولي – كيوري عام ١٩٣٢ إلى أن قذف البرافين أو اية مركبات هيدروكربونية أخرى (مركبات تتكون من الهيدرجين والكربون) بجسيمات ألفا ينتج عنه إنبعاث بروتونات كبيرة الطاقة جدا.

وبفحص دقيق لهذه الظاهرة تزايدت شكوك العلماء في اعتبار ما شاهده بووث في تجربته هو إنبعاث أشعة غاما. وفي المرحلة الأخيرة من سلسلة التجارب هذه أجرى الفيزيائي الإنجليزي جيمس تشادوك (١٨٩١- ١٩٧٤) تجارب في مختبر كافندش أيضاً برهن فيها على استحالة أن تكون إشعاعات تجربة بووث إشعاع غاما.

اقترح تشادوك أن الإشعاع المنبعث يتكون من جسيمات تقارب كتلتها كتلة البروتون لكنها لا تحمل شحنة كهربائية. اعتقد تشادوك أن هذه الجسيمات ليست إلا بروتونات ترتبط مع إلكترونات (أي ذرة هيدروجين)، وبناءً على هذا الفهم قام بقذف البورون، وهو عنصر معروفة كتلته الذرية، بجسيمات ألفا وتوصل إلى حساب كتلة هذه الجسيمات.

 

كانت نتيجة هذه الحسابات ان كتلة الجسيمات المجهولة تساوي ١.٠٠٨٧ وحدة كتل ذرية مما يجعل كتلتها أكبر بقليل من كتلة البروتون (١.٠٠٧٢٧٦ وحدة كتل ذرية). ونظراً لتعادل هذه الجسيمات كهربائيا سميت «النيوترون».

والجدير ذكره أن النيوترون جسيم مستقر طالما بقي داخل نواة الذرة، لكنة ينحل إلى بروتون وإلكترون وضديد نيوترينو خارجها. وتعرف مكونات النواة، البروتون والنيوترون» «بالنيكلونات».

يعتبر وولفغانغ باولي (١٩٠٠- ٥٨) أحد أعظم فيزيائيي القرن العشرين. ولد باولى في فيينا لكنه حصل بعد ذلك على الجنسية السويسرية.

عكف باولى عام ١٩٣٠ على دراسة إشعاعات بيتا – سيل من الإلكترونات ينبعث من الذرات غير المستقرة. أدت تجاربه إلى ملاحظته فقدان الإلكترونات المنبعثة لطاقتها، وهو أمر يجافي أحد أهم مبادىء الفيزياء: الطاقة لا تفنى ولاتستحدث.

 

تمثل حل باولي للمعضلة باعتبار إنبعاث جسيم آخر، إلى جانب جسيم بيتا، بخصائص غير اعتيادية، فهو جسيم لايحمل شحنة وتساوي كتلته الصفر عند سكونه. برهن الفيزيائي الأمريكي من أصل إيطالي إنريكو فيرمي (١٩٠١- ٥٤) على وجود هذا الجسيم عام ١٩٣٤ وأسماه «النيوترينو» .

قدم عالم الفيزياء النظرية الإنجليزي بول ديراك (١٩٠٢- ٨٤) إسهامات مهمة في تطوير الكهروديناميكا الكمية. لم يكن ديراك مقتنعاً بالوصف الذي وضعه الفيزيائي الألماني فيرنر آيزنبيرغ (١٩٠١- ٧٦) لفيزياء الكم، ولذلك وضع صياغة جديدة بديلة.

استخلصت علاقات ديراك إحتمالية وجود إلكترون موجب الشحنة الكهربائية واكتشف هذا الجسيم الجديد الفيزيائي الأمريكي كارل أندرسون (١٩٠٥- ٩١) عام ١٩٣٢، كما اكتشفه باتريك بلاكيت عام ١٩٣، بشكلٍ مستقلٍ عن أندرسون. أطلق على الجسيم فيما بعد مسمى «البوزترون» وهو أول ضديد مادة يكتشف.

كما اكتشف أندرسون عام ١٩٣٦، مع طالب الدراسات العليا سث ندرماير (١٩٠٧- ٨٨) الميون – جسيم غير مستقر للغاية له خواص الإلكترون باستثناء كتلته التي تساوي ٢٠٠ ضعف كتلة الإلكترون.

 

فالق الذرة

قام جون كوكروفت وأرنست دالتون عام ١٩٣٢ بشحن غرفة معدنية مجوفة إلى فرق جهد ٤٠٠,٠٠٠ فولت وحقنا فيها البروتونات.

وبسبب الشحنة الموجبة للبروتون تتنافر البروتونات عبر سلسلة من الأنابيب أقل في الجهد الكهربائي. توجه البروتونات نحو قطعة من الليثيوم.

تنبعث جسيمات ألفا (نوى ذرات الهيليوم) نتيجة لهذا التفاعل ويتسبب ذلك في ظهور وميض على الشاشة فتلتقط صورة لها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى