العلوم الإنسانية والإجتماعية

التناقضات الاقتصادية والاستغلال البيئي

2014 مجتمع السوق

سبايز بوتشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

على الرغم من أن العلاقة بين الاقتصاد والبيئة لم تكن محور التركيز الرئيسي لعمل ماركس، إلا أنّه وضع نظريةً حول الأثر البيئي للممارسات الزراعية والصناعية الرأسمالية. وعبّر عن ذلك في الفكرة القائلة بأنّه "لا يمكن إصلاح ما تصدّع في عملية التمثيل الغذائي المتكافلة" (Marx 1894). وبالنسبة إلى ماركس، يُمثّل الأيض مجموعةً معقدةً من العلاقات بين المجتمع والطبيعة. ومن جهته أشاع جون بيلامي فوستر(John Bellamy Foster) (1999) في الآونة الأخيرة مفهوم "الصدع في التمثيل الغذائي" الذي يشير إلى الانفصال أو "الشرخ" الذي تسببه الرأسمالية بين النظم الطبيعية والاجتماعية وذلك بسبب التبادل غير المتكافئ والذي يشوبه الخلل بين هذه النُظُم.

واعتبر ماركس أنّ الحاجة الضرورية لتحقيق النمو الاقتصادي، والتحضر، والتجارة العالمية والتطورات التكنولوجية مثل اختراع الأسمدة الاصطناعية، تقف وراء الصدع في النُظُم الطبيعية التي تعتمد عليها المجتمعات (Bellamy Foster 1999, p. 373). وكانت الزراعة التقليدية شأناً محلياً بامتياز، وغالباً ما تعتمد على نظام التمثيل الغذائي الذي يقضي بإعادة المواد المغذية إلى التربة. ومع ذلك، أحدثت الرأسمالية تحوّلاً في العمليات الزراعية التي تُنقل خلالها المنتجات من القرية إلى المدينة، مما قوّض دورة إعادة المواد المغذية إلى التربة، وسبب بروز مشكلة النفايات.

وفي المقابل، رأى ماركس أن تراجع خصوبة التربة خلق حاجةً إلى الأسمدة الاصطناعية التي بدورها وسّعت الشرخ في التمثيل الغذائي عبر تفاقم تدهور الأراضي (Clark &York 2005, pp. 397-398). وقد ناقش عدد من المنظرين، فكرة أنّ النظم الصناعية تعمل وفقاً لمجموعة مختلفة من مبادئ الأنظمة البيئية، ما خلق تمثيلاً غذائياً صناعياً وبيئياً مختلفاً. كما أنّ الاستدامة تتطلّب إعادة التفكير مالياً في المنظومة وتشغيل العمليات الصناعية، بدلاً من مجرد إدراج منطق الصناعة في المسألة البيئية (Huber 2000).

وقد استند جيمس أوكونور (James O’conor) (1998) أيضاً إلى نظريات ماركس ليطوّر مجموعة مختلفة من الأفكار حول تفاعلات الاقتصاد والبيئة. ويُفيد بأن الرأسمالية تُضعف "شروط الإنتاج" (Conditions Of Production) الخاصة بها (القوة العاملة والبيئة الطبيعية) من خلال استغلال النظم البيئية وتهديد صحة العمال. ويؤدي ذلك إلى احتمال نشوء أزمات متعلّقة بقلة الإنتاج عندما ترتفع تكاليف الإنتاج الرأسمالي، في حين تعمل الدولة على جعل الشركات الرأسمالية خاضعة للمساءلة بناءً على مطالب الحركات الاجتماعية الجديدة. ويعكس أوكونور في مقولته "التناقض الثاني للرأسمالية"(Second Contradiction of Capitalism) (1998)) الأزمات المحتملة من الاستهلاك الناقص والذي بحسب ماركس، يُعرّف بالتناقض الناجم عن حاجة الرأسمالية لإبقاء التكاليف منخفضة مع الحفاظ على ارتفاع الطلب على منتجاتها.

ويربط علماء الاقتصاد المراعين لحقوق المرأة معالجة المسائل المتعلّقة بالطبيعة بمعالجة تلك المتعلّقة بالبشر. ويرى البعض أن استغلال الطبيعة يعكس استغلال النساء. ويُفيدون إلى أنه منذ القِدم، تُشير المجتمعات الغربية إلى الطبيعة بصفة المؤنث ("الطبيعة الأم") وغالباً ما يتمّ استعمال عبارتيّ الاغتصاب والتدنيس لوصف تدمير الطبيعة، في موازاة عنف الرجال ضد المرأة (Merchant 1992). ويُسلّط البعض الآخر الضوء على جوانب أخرى لتضرّر المرأة من التلوث البيئي مثلا الأذى الذي يُلحق بقدراتها الإنجابية بسبب التسمّم البيئي. وفي الكثير من البلدان النامية، تكون النساء أكثر عرضة للضرر البيئي من خلال مسؤولياتهنّ في جمع الغذاء والماء والرعاية لأسرهنّ (Shiva 1988).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى