في عالم تتقاطع فيه الرياضيات مع الطيران، والحوسبة مع التصميم، يبرز اسم الأستاذ الدكتور شربل فرحات، كونه أحد أعمدة الهندسة الحديثة، والفائز بجائزة الكويت للعام 2024، في مجال العلوم التطبيقية عن موضوع «العلوم الهندسية». مسيرته العلمية تمثل رحلة استثنائية من بيروت إلى ستانفورد، ومن المعادلات إلى التطبيقات التي تحلّق في السماء.
يشغل الأستاذ الدكتور شربل فرحات اليوم عدة مناصب مرموقة في جامعة ستانفورد، منها كرسي «فيفيان تشيرش هوف» في هياكل الطائرات، وكرسي «جيمس وآنا ماري سبيلكر»، في قسم الطيران والفضاء، بالإضافة إلى عضويته في معهد الهندسة الحسابية والرياضية. وهو أيضًا مدير مركز التميز في الطيران والفضاء التابع لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ما يعكس امتداد تأثيره العلمي إلى العالم العربي.
تخصَّصَ الأستاذ الدكتور فرحات في مجالات معقدة، مثل: التفاعل بين السوائل والهياكل، والنمذجة متعددة الفيزياء، وتقنيات تقليل النمذجات. وهي تقنيات تُستخدَم لتسريع المحاكاة الحاسوبية في تصميم الطائرات والمركبات الفضائية. وقد أسهم في تطوير نماذج رقمية تُستخدَم في تحليل الاهتزازات، والتنبؤ بالخلل الهيكلي وتحسين الأداء الديناميكي للطائرات، بما في ذلك الطائرات المقاتلة، والمركبات الفضائية.
حصل على الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وتلقى تدريبه الأكاديمي في فرنسا؛ ما منحه خلفية علمية متعددة الثقافات. وقد شغل مناصب أكاديمية في جامعات مرموقة، مثل: جامعة كولورادو بولدر، قبل أن ينتقل إلى ستانفورد؛ حيث قاد قسم الطيران والفضاء لأكثر من عقد، وأسهم في تطوير برامج دراسات عليا متقدمة في الهندسة الحسابية.
نال الأستاذ الدكتور فرحات أكثر من 20 جائزة دولية، منها: «ميدالية فانيفار بوش»، من وزارة الدفاع الأمريكية و«وسام النخيل الأكاديمي»، من رئيس وزراء فرنسا و«جائزة سبيريت أوف سانت لويس»، من الجمعية الأمريكية للهندسة الميكانيكية. كما اختير زميلًا في عدد من الأكاديميات المرموقة، مثل: الأكاديمية الوطنية للهندسة في الولايات المتحدة والأكاديمية الملكية للهندسة في المملكة المتحدة، والأكاديمية اللبنانية للعلوم.
إلى جانب أبحاثه، يشتهر الأستاذ الدكتور فرحات بقدرته على الإشراف الأكاديمي؛ حيث أشرف على عشرات طلاب الدكتوراه والماجستير، وكثيرون منهم يشغلون اليوم مناصب قيادية في شركات مثل «بوينغ» و«ناسا» و«أمازون». كما قدّم استشارات علمية لهيئات حكومية وشركات صناعية كبرى، وأسهم في تطوير تقنيات تُستخدَم في الطائرات الحربية، والمركبات الفضائية، وحتى في أنظمة الحوسبة الفائقة.
جائزة الكويت التي نالها في العام 2024 ليست فقط تكريمًا لإنجازاته العلمية، بل هي أيضًا إشادة برؤية هندسية تربط بين النظرية والتطبيق، وبين الدقة الرياضية والطموح الفضائي. إنها احتفاءٌ بعقلٍ لا يعرف حدودًا، وبعلمٍ يحلّق في فضاء الابتكار.