نبذة تعريفية عن عملية الصِباغة وطرقها

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عملية الصِباغة طرق عملية الصباغة التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

المَوادُّ المُلَوِّنَةُ والأَصْباغُ تَجْعَلُ كلَّ الأشْياءِ المُحيطَةِ بنا أكْثَرَ رَوْنَقًا وجَمالاً. وقد عَرَفَ الإنْسانُ هذهِ الموادَّ واسْتَخْدَمَها منذُ فَجْرِ التَّاريخِ

فاسْتَخْدَمَ بعضَ أنواعِ الخِضابِ مثل أكاسيدِ أو كِبْريتيداتِ بَعْضِ الفِلِزَّاتِ، ثمَّ اسْتَخْلَصَ بَعْضُ الأَصْباغِ من جُذورِ بعضِ النَّباتاتِ وأوْراقِها مثل النِّيلَةِ الطَّبيعِيَّةِ (زَرْقاء) أو الحِنَّاءِ (حَمْراء)، أو من زُهورِ الزَّعْفَرَان الصَّفْراءِ، أو من بَعْضِ الحيواناتِ مثل القِرْمِزِ والكُوتْشينيلِ الّذي يُسْتَخْرَجُ مِنْ بعضِ الحَشَراتِ.

وكانَتْ الأَصْباغُ النَّباتِيَّةُ، خاصةً النِّيلَةَ، شائِعَةَ الاسْتِعْمالِ عِنْدَ العَرَبِ وسُكَّانِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ، وكانُوا يَصْبِغونَ بها المَلابِسَ القُطْنِيَّةَ.

 

وبتَقَدُّمِ حَضَارَةِ الإنْسانِ اسْتطاعَ أنْ يُحَضِّرَ بعضَ الأصْباغِ العُضْوِيَّةِ في المَعامِلِ. وكانَتْ أُولَى هذهِ المُحاولاتِ تلَك المحاولةَ الّتي قامَ بها الكِمْيائِيُّ الإنْجلِيزيُّ «برْكِنْ». 

فقد تَمَكَّنَ من تحضيرِ صِبْغَةٍ بَنَفْسَجِيَّةِ اللَّونِ بأَكْسَدَةِ الأنيلين، عُرِفَتْ فيما بَعْدُ باسمِ «بِرْكِنْ مُوف». وتمكَّنَ بعدَ ذلكَ علماءُ الكيمْياءِ من تحضيرِ مِئاتٍ من الأَصْباغِ المُخَلَقَّةِ، مثل «الإنْديجُو» وأصْباغِ الآزُو والألَيزَارين وغيرها.

ولا بدَّ أنْ تَتَوَفَّرَ في مثل هذه الأَصْباغِ بَعْضُ الصِّفَاتِ الخاصَّةِ؛ فيجبُ أنْ تكونَ ثابِتةً ولا تتأَثَّرَ بالحرارَةِ أو بالضَّوءِ، وأنْ تكونَ عديمةَ الذَّوبانِ.

 

وقد اسْتُخْدِمَتْ هذه الأَصْباغُ في صِباغَةِ الخُيوطِ أو النَّسيجِ، ولكنَّ صِباغَةَ الصُوفِ والحَريرِ تَخْتَلِفُ عَنْ صِباغَةِ القُطْنِ والتِّيلِ، ولهذا نجدُ أنَّ هناكَ عِدَّةَ طُرُقٍ للصِّباغَةِ أهَمُّها:

 

الصِباغَةُ المباشِرَةُ: أَغْلَبُ الأَصْباغِ الّتي تُسْتَخْدَمُ في هذهِ الطَّريقَةِ يَجبُ أنْ تحتوي جُزيئاتُها علَى مجموعَةٍ حِمْضِيَّةٍ أو مجموعَةٍ قاعِدِيَّةٍ يمكنُ أنْ تَرْتَبِطَ بأليافِ النَّسيجِ مُكَوِّنَةً مُرَكَّباتٍ لا تذوبُ في الماءِ.

وتَصْلحُ هذه الطَّريقةُ لصِباغَةِ الصُّوفِ والحَريرِ، ويُغْمَسُ فيها النَّسيجُ في محلولٍ ساخِنٍ من الصِّبْغَةِ، وقَدْ يُضافُ إلَى المحلولِ قليلٌ من المِلْحِ أو بَعضُ الحَمْضِ المُخَفَّفِ لتَحْسينِ عَمَلِيَّةِ الصِّباغَةِ.

 

ولا تَصْلُحُ هذه الطَّريقَةُ لصِباغَةِ القُطْنِ أو التِّيلِ، فهي قَدْ تَتَلَوَّنُ بِغَمْسها في محلولِ الصِّبْغَةِ، ولكنَّ اللَّونَ يزولُ تدريجيًّا بالغَسْلِ بالماءِ.

ويُمْكِنُ صِبَاغَةُ القُطْنِ والتِّيلِ بطريقةٍ مباشِرَةٍ بأصْباغِ الكِبْريتيدِ ولكنَّها تُعْطِي ألوانًا تَتَراوَحُ بينَ الأَخْضَرِ والأزْرَقِ أو الأسْوَدِ، ولا تُعْطي ألوانًا بُرْتُقالِيَّةً أو حَمْراءَ. ويُطْلَقُ علَى الأَصْباغِ الّتي تُسْتَعْمَلُ في هذهِ الطَّريقَةِ اسمُ الأَصْباغُ المُباشِرَةِ.

 

الصِّباغَةُ بالتَّرْسيخِ: يُسْتَفادُ في هذه الطَّريقَةِ منْ أنَّ بعضَ الأَصْباغِ تكوِّنُ مُرَكَّباتٍ غيرَ ذائِبَةٍ معَ أمْلاحِ الفِلِزَّاتِ.

وتُسْتَخْدَمُ هذهِ الطريقةُ لصِباغَةِ القُطْنِ والتِّيلِ، كما أنَّها تَصْلُحُ لصِباغَةِ الصُّوفِ. ويُغْمَسُ النَّسيجُ أَوَّلاً في محلولِ مِلْحِ أَحَدِ الفِلِزَّاتِ مثلِ الألومِنيوم أو الحديدِ أو الكُرومِ.

وعِنْدَ غَمْسِ النَّسيجِ بَعْدَ ذَلِكَ في مَحْلولِ الصِّبْغَةِ تَتَّحِدُ الصِّبْغَةُ العُضْوِيَّةُ بالفِلِزِّ المُتَرَسِّبِ في أَلْيافِ النَّسيجِ مُكَوِّنَةً مِلْحًا مُلوَّنًا وغيرَ قابِلٍ للذَّوبانِ.

ويُطْلَقُ علَى الأَصْباغِ المُسْتَخْدَمَةِ في هذهِ الطَّريقَةِ اسمُ الأَصْباغِ المرسَّخَة، وغالبًا ما تكونُ أصباغًا حَمْضِيَّةً ومِنْ أمْثِلَتِها «الأليزارين» الّذي يُعْطي لونًا أَحْمَرَ مع الألومِنيوم، ولونًا بَنَفْسَجِيًّا مع الحديدِ ولونًا أزْرَقَ مع الكالْسيوم، ولونًا بُنِّيًّا مع الكُرومِ.

 

الصِّباغَةُ غَيْرُ المباشِرَةِ: تُسْتَخْدَمُ هذهِ الطَّريقَةُ للصِّباغَةِ بواسِطَةِ أصْباغِ «الآزو» الّتي تَتَمَيَّزُ بأَلْوانِها الزَّاهِيَةِ ولكنَّها لا تذوبُ في الماءِ، وبذلكَ لا يمكنُ اسْتِخْدامُها للصِّباغَةِ بالطَّريقَةِ الأُولَى أو الثَّانِيَةِ.

ويَتِمُّ في هذهِ الطَّريقَةِ تكوينُ الصِّبْغَةِ مباشرةً في داخِلِ ألْيافِ النَّسيجِ. ويُصْبَغُ القُطْنُ والتِّيلُ بهذهِ الطَّريقَةِ، ويُمْكِنُ الحصولُ بها علَى ألوانٍ زاهِيَةٍ مُتَنَوِّعَةٍ. وتُعْرَفُ الأَصْباغُ المُسْتَعْمَلَةُ في هذهِ الطَّريقَةِ باسمِ الأَصْباغِ غيرِ المُباشِرَة.

 

صِباغَةُ الأحواضِ: الأصباغ المُسْتَخْدَمَةُ في هذهِ الطَّريقَةِ مَوادُّ مُلَوَّنَةٌ لا تَذوبُ في الماءِ، ولكنَّها تذوبُ في المحاليلِ القَلَوِيَّةِ المُخْتَزلَةِ مُتَحَوِّلَةً إلى مادَّةِ لا لونَ لها، وبَعْدَ أنْ يُصْبَغَ بها النَّسيجُ تُعادُ أَكْسَدَتُها فيعودُ إليها لونُها الأَصْلِيُّ. وتُعَدُّ صِبْغَةُ الإنْديجو زَرْقَاءُ اللَّونِ مُمَثِّلَةً لهذا النَّوعِ من الأَصْباغِ.

وهي تُذَابُ أوَّلاً في محلولٍ قَلَوِيٍّ فتُحتَزَلُ مُتَحَوِّلَةً إلى الإنْديجُو الأَبيض (لا لَوْنَ لَهُ)، ويُغْمَسُ النَّسيجُ في هذا المَحْلولِ، ثُمَّ يُعْرَّضُ بَعْدَ ذَلِكَ لأُكسيجينِ الهَواءِ فيَتأكسَدُ الإنْديجو الأبيضْ إلى صِبْغَةِ الإنْديجو زَرْقاءِ اللَّونِ الّتي تَتَرَسَّبُ في أَلْيافِ النَّسيجِ.

وهَذِهِ الأَصْباغُ علَى درجةٍ كبيرةٍ من الثَّباتِ وهي لا تَتَأَثَّرُ بالصَّابونِ أو بالأحْماضِ أو بالقَواعِدِ، ويُمْكِنُ صباغَةُ جميعِ أنْواعِ النَّسيجِ بهذهِ الطَّريقَةِ. ويُطْلَقُ علَى هذهِ الطَّريقَةِ اسمُ صِباغَةِ الأَحْواضِ، لأنَّها كانَتْ تُجْرَى قديمًا في براميلَ أو أَحْواضٍ خَاصَّةٍ.

 

صِباغَةُ المَوادِّ المُصْطَنَعة واللَّدائِنِ (البلاسْتيك): أَغْلَبُ أنْواعِ اللَّدائِنِ شَفَّافٌ وعَديمُ اللَّوْنِ، لذلكَ فهي بلَوْنِها الطَّبيعِيِّ لا تُلائِمُ كُلَّ الأَذْواقِ، ومُعْظَمُ النَّاسِ يَخْتارونَ أدَواتِهِمْ علَى أساسِ الأَلوانِ الّتي يُحِبُّونَها.

ويَجِبُ أنْ تَتَّصِفَ المادَّةُ حتَّى يَتَوَزُّعَ اللَّوْنُ فيها بطريقةٍ مُتَناسِقَةٍ، كما يَجبُ أنْ تكونَ ثابِتَةً حَرارِيًّا حتَّى يَتَوَزَّعَ اللَّوْنُ فيها بطريقةٍ مُتنَاسِقَةٍ، كما يَجبُ أنْ تكونَ ثابِتَةً حَرارِيًّا حتَّى لا يَتَغَيَّرَ لَوْنُها في أَثْناءِ صُنْعِ الأَدوَات وأنْ تكونَ غيرَ قابِلَةٍ للذَّوبانِ خاصَّةً عِنْدَ اسْتِخدامِها في تَلْوينِ أو صِباغَةِ بعضِ أدَواتِ المَائِدَةِ.

ويُمْكِنُ أيضًا صِبَاغَةُ الفِلِزَّاتِ مثل الألومِنْيوم والقَصْديرِ والحَديدِ والكُرومِ بطريقةٍ تشبهُ الصِّباغَةَ بالتَّرْسيخِ، فيوضَعُ الفِلِزُّ أوَّلاً في دائِرَةٍ كَهْرَبائِيَّةٍ لتكوينِ طَبَقَةٍ رقيقَةٍ من الأُكْسيدِ علَى سَطْحِه، ثم يُغْمَسُ بعدَ ذَلِكَ في مَحْلولِ الصِّبْغَةِ، فَتَتَّحِدُ الصِّبْغَةُ بِطَبقَةِ الأُكْسيدِ مكوِّنَةً اللَّوْنَ المَطْلوبَ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]