التاريخ

أهم الإنجازات التي حققتها “حضارة المايا” عبر التاريخ

2016 علوم العصر الكلاسيكي وأوائل العصور الوسطى

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

التاريخ الأحافير وحياة ما قبل التاريخ

على الرغم من أن حضارة المايا ليست من أولى الحضارات الميزو أمريكية (أمريكا الوسطى) لكنها تُعتبر بعامةٍ الأكثر جدارة بالاهتمام من بينها.

ففي وقتٍ كانت غالبية المناطق الأوروبية تغفو في سبات «عصور الظلام» أنتج هذا الشعب المبدع معابد وأهراماتٍ تميزت بإلهام أخاذ ووضعت تقاويم غاية في الدقة واستخدمت الكتابة الهيروغليفية.

تعتبر حضارة المايا دون ريب أعظم حضارات فترة ما قبل احتلال القارة الأمريكية، فقد طور شعب المايا نظاماً متقدماً للكتابة الهيروغليفية يحتوى حوالي ٨٥٠ رمزاً، مَثَلَ بعضها مفاهيم بعينها وعبر البعض الآخر عن صوتٍ محدد.

وفي العديد من الحالات استخدم رسم شيء ما ليمثل كيفية نُطق اسم الشيء، وذلك عندما يقع النطق داخل الكلمة نفسها – وهى طريقة تسمى «الكتابة التصويرية التذكيرية» كما أن الكهنة – العلماء المايين كانوا علماء فلك ورياضيات على مستوى عالٍ أيضاً.

لكن، إنجازهم الأكبر يتمثل في استحداثهم التقويم المايايي. ورغم أن الحضارات الأمريكية الأخرى وضعت تقاويم مختلفة، بيد أن أياً منها لم يصل إلى مستوى التقويم المايايي.

 

ظهرت الدلائل الأولى لانتشار الحضارة المايايية خلال الفترة التي أسماها المؤرخون الفترة المعرفية المتأخرة ما بين عامي ٣٠٠ ق.م. و١٠٠ ميلادي.

وخلال الفترة الكلاسيكية التي امتدت مابين عامي ٢٥٠ و٩٠٠ نصب المايا العديد من الأعمدة الصخرية المنحوتة والمسلات، وتعتبر هذه الفترة أكثر الفترات رخاءً لحضارتهم وأهمها تأثيراً في الحضارات الأخرى، وبهجر المايين مراكز احتفالاتهم انتهت الفترة الكلاسيكية حوالي عام ٩٠٠.

استوطن شعب المايا شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك ومدينة بليز وسهول بيتين الجيرية المجاورة في شمالي غواتيمالا وحتى أجزاء من هندوراس والسلفادور، وتتميز الأجزاء الجنوبية من هذه المنطقة بالتضاريس الجبلية البركانية، أما منطقة يوكاتان الوسطى فهي منطقة منخفضة حارة ورطبة، بينما يتميز شمالها بطقس جافٍ وأراضٍ رقيقة التربة.

تبين الكتابات على الأعمدة المايايية المنحوتة زمن تشييد العمود وأسماء الكهنة والنبلاء في تلك الفترة علاوة على أهم أحداث السنوات العشرين السابقة لنصب العمود.

وضع الماييون بعض الكتب أيضاً لم يصلنا منها إلا ثلاثة، وأهم الكتب الثلاثة مخطوطة درزدن، نسبة إلى اقتناء مكتبة الدولة السكسونية في مدينة درزدن في ألمانيا لها، وتحتوي على جداول فلكية.

 

جمع الماييون كماً كبيراً من المشاهدات الفلكية بهدف استنباط الظواهر الفلكية الدورية منها. فعلى سبيل المثال، تمكنوا من حساب دورة القمر- الشهر القمري – بمتابعة تسجيل الفترة بين ولادة قمرين ووجدوا أن 149 قمراً جديداً يظهر خلال 4,400 يومٍ وعلى هذا الأساس حسبوا طول الشهر القمري بـ 29.5302 يوماً. ويبلغ الزمن المتعارف عليه حالياً 29.53059 يوما.

وتوصل المايا أيضاً إلى التنبؤ بحدوث الكسوف الشمسي، وإن لم يستطيعوا تحديد مواقع مشاهدته. ونظراً لعدم إدراكهم مفهوم دوران القمر حول الأرض ودوران الأرض حول الشمس لم تستند تنبؤاتهم حول الكسوف على الحساب، بل على السجلات التفصيلية لمشاهداتهم السابقة.

فمن هذه السجلات استنبطوا عدم إمكانية وقوع الكسوف إذا ظهر القمر الجديد بعد ١٨ يوماً من عبور الشمس مساره، وحسبوا متوسط حركة كوكب الزهرة وبدقة بلغت نسبة الخطأ فيها يوماً واحداً لكل ٦,٠٠٠ عامٍ، وتوصلوا أيضا إلى أن كوكب الزهرة يظهر في الصباح وفي المساء على حدٍ سواء.

احتاج المايا إلى نظام عددي يستخدمونه لتسجيل التواريخ وإجراء العمليات الحسابية المختلفة، وبتطويرهم لهذا النظام استحدثوا مفهومين غاية في الأهمية هما اعتماد القيمة على موضع الرمز واختراع رمز الصفر، وبحسب نظامهم العددي مثلت النقطة العدد واحد والخط الأفقي العدد خمسة وصورة القوقعة العدد صفر، وكان هذا النظام سائداً حوالي عام ٤٠٠ ق.م.

 

أدت فكرة دلالة موقع الرمز لعددٍ ما على قيمته إلى إمكانية التعبير كتابة عن الأعداد الكبيرة بشكل واضح وسهل، ومثالٌ على ذلك أننا نكتب العدد 276 في ترميزنا المعاصر على شكل (2 * 100) + (7 * 10) + (1 * 6). لكن، ونظراً لأن النظام العددي للمايا يتخذ العدد 20 أساساً لـــه (بينما نستخدم حالياً العدد 10 أساسا)، فإن القيمة الموضعية للرقم الأساس تشمل الأعداد 1، 20، 200 وهكذا.

لكن المايا استخدموا العددين 1 و 20 فقط بالإضافة إلى حاصل الضرب 20 * 18 في عملياتهم الحسابية. هذا النظام عقد الحسابات بشكل كبير، لكن لاحظ أن 20 * 18 يساوي 360 وهو عدد أيام السنة في تقويم المايا.

من أكثر نتاجات المايا شهرة التقويم الذي استحدثوه، والحقيقة أنهم وضعوا تقاويم ثلاثة. أسس التقويم الأول على السنة المقدسة ذات ٢٦٠ يوماً مرتبة ضمن دورتين متداخلتين، تتكون الدورة الأولى من اليوم الأول إلى اليوم الثالث عشر.

أما الدورة الثانية فتتكون من عشرين يوماً مسماة بأسماء الآلهة، ويتحدد أي يوم من أيام السنة المقدسة برمز (من ١ إلى ١٣ من الدورة الأولى) واسم الإله (من الدورة الثانية). لكن هذا التقويم عديم النفع للمزارعين، ولذلك ابتدع المايا تقويماً شمسياً للاستخدامات الحياتية.

 

وقُسمت السنة في هذا التقويم الشمسي إلى ١٨ شهراً بطول ٢٠ يوماً لكل شهر يضاف إليها خمسة أيام نحسات – فترة «مجهولة الاسم». وساد الاعتقاد أن مواليد هذه الفترة ملعونون في حياتهم.

أما التقويم الثالث الذي استخدمه المايا فيختص بحساب الفترات الطويلة ويتكون من مجموعة من الدورات ويُعرف اليوم فيه الكن والعشرون كناً اليونال، وكل ثماني عشر يونالاً توناً واحداً (360 يوماً)، والعشرون تونا كاتوناً واحداً (7,200 يومٍ)، والعشرون كاتوناً باكتوناً واحدا (144,000 يومٍ). وأطول دورة في هذا التقويم هو الألوتون وفيه 23,040,000,000 يوما.

ولسبب غير واضح اعتبر يوم الثالث عشر من أغسطس عام ٣١١٤ ق.م.، بحسب تقويمنا، صفراً للتقويم. وتوضيحاً لهذه الدورات نسوق المثال التالي: يعني تاريخ ١٨/٣/١٥/١١/٨ بحسب تقويم الدورات الطويلة أن الأيام التي مرت منذ صفر التقويم هي ٨ باكتونات و١١ كاتونات و ١٥ تونات و٣ يونالات و١٨ كنات، وبجمع هذه الأيام نجد أن التاريخ المقصود بحسب تقويمنا المعاصر هو التاسع من شهر يوليو عام ٢٧٣ ميلادي.

استخدم علماء المايا مجموعة جداول ملحقة بالتقويم طويل الدورات تضم معلومات عن الشهر القمري ومجموعة ثانوية تُستنبط من علاقة تُعنى بتصحيح تاريخ التقويم حتى ينسجم مع الشهر القمري والسنة الشمسية،

وكانوا أيضاً معنيين بالأخذ بعين الاعتبار ثلاث دورات لثلاث مناسباتٍ دينية تقدم فيها القرابين، تمتد الدورة الأولى ٤ أيام والثانية٩ أيام والأخيرة ٨١٩ يوما.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى