البيئة

آثار التلوث المائي التي سببتها العمليات العسكرية المرتبطة بحرب الخليج على التكوينات المرجانية والطحاب

1996 العوامل البشرية

مهدي حسن العجمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

التلوث المائي لعمليات العسكرية حرب الخليج التكوينات المرجانية الطحالب البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

من المعروف أن البترول يعد من أخطر ملوثات البيئة البحرية، فهو يتسبب في القتل الجماعي للأحياء البحرية، وتدمير الشعب المرجانية.

وبحكم ان النفط الخام، مادة سوداء وقادرة على الانتشار فوق سطح الماء في طبقة رقيقة جداً، فإن أي تدفق للنفط على المسطحات المائية ما يلبث أن يكون طبقة نفطية سوداء تحجب معظم ضوء الشمس عن الوصول إلى المياه التحتية؛ مما يؤثر على نمو الأحياء المائية والنبايتة، وبشكل خاص على الهوائم او العوائق النباتية Plankton. وهو غذاء الأسماك. (كما سبق ذكره).

وقد تعرض الخليج العربي لأكبر حادث تلوث بالزيت في التاريخ الحديث، فهو يعد بحيرة مغلقة طول 100 كم وعرضها 30 كم ولا يتجاوز عمقه في المتوسط 35كم، ويعد الخليج من أكبر البحار إنتاجية في العالم فيما يتعلق بالهوائم النباتية.

 

كما يعد واحداً من أكبر النظم الايكولوجية حساسية لتأثير الملوثات، ويؤدي ضعف التبادل بينه وبين المحيط الهندي إلى ضعف قدرة الخليج على التخلص من الملوثات، وبذا يرتفع مستواها بالتدريج.

ويستقبل الخليج الكثير من المغذيات مع الطمي الذي يجلبه نهر دجلة والفرات من شط العرب الذي يصب في مسطحات الطمي والمستنقعات الملحية الممتدة في المنطقة الشمالية من الخليج.

وتساعد شفافية المياه الدافئة ونفاذ الضوء لمسافات بعيدة، مع ضحالة الخليج على تشجيع نمو الشعب المرجرانية التي تعد من أكبر النظم الايكولوجية إنتاجية في البيئة البحرية، وهي التي تساعد على نمو الهوائم وتدعم السلسلة الغذائية لبقاء الأسماك والطيور البحرية.

 

وتوجد في الخليج العربي على الأقل أربعة نزم أيكولوجية حرجة، هي مسطحات الطمي والمستنقعات الملحية والشعب المرجانية والأعشاب البحرية وغابات المانجروف، كما تقوم المناطق البحرية بإعالة عدد من النظم الايكولوجية.

ويمثل ذلك مصبات الأنهار والمناطق الصحراوية التي تعيش عليها الكاينات الأرضية، ويؤدي انسكاب الزيت في هذه البيئات الغنية المتميزة بالحساسية وسرعة التأثر بالملوثات إلى وقوع كارثة بيئية غير مسبوقة في التاريخ.

ولو قورنت بالتلوث الناتج عن جنوب الناقلة "اكسوك فالديز" في آلاسا، فإنه ضيل ولا مجال للمقارنة، حيث يؤدي التنوع البيولوجي وتعدد الكائنات الحية في مياه الخليج إلى تأثيرات اكثر خطورة من التأثيرات التي حدثت عن جنوح الناقلة المشار إليها.

 

لقد عمدت قوات النظام العراقي المعتدية على الكويت إلى ضخ النفط من خمس ناقلات رأسية أمام ميناء الأحمدي يوم 19 يناير 1991. وقدرت كمية النفط التي وصلت إلى البيئة البحرية من هذه الناقلات بحوالي 500 ألف طن.

وحتى يوم 30 يناير أدى الزيت المتسرب إلى الخليج إلى وجود بقعة نفطية بمساحة 75×25كم ما لبثت أن انتقلت إلى المياه الاقليمية للمملكة العربية السعودية تحملها تيارات سطحية تتراوح سرعتها بين 25-30كم.

وكان تأثيرها ضعيفاً لعدم وصولها إلى الساحل، وقد تضررت منها الطيور البحرية التي تتغذى على الأسماك.

 

ووقع حادث التلوث الثاني في العشرين من ينايز، حينما فتح المعتدون صمامات تصدير النفط في الجزيرة الصناعية الواقعة على بلعد 12 كم من الشاطئ، قبالة الأحمدي واستمر تدفق النفط من هذه الصمامات حتى 26 يناير.

حيث قامت قوات الحلفاء بغارات ناجحة دمرت الصمامات وبدأ توقف النفط عن التدفق إلى البيئة البحرية، وقد قدرت الكميات التي انسكبت في المياه ما بين 100 ألف طن ومليون طن.

ولو أضفنا إلى هذه الكميات ما تسرب إلى الخليج من عديد من المناطق الأخرى كرأس الخفجي ومصافي النفط بالكويت والخنادق الممثلة بالنفط التي أعدها جنود الاحتلال العراقي كجزء من نظامهم الدفاعي لكلانت الحصيلة كميات تتراوح بين 6,4 مليون برميل.

 

وهناك شريط متقطع من الشعب المرجانية يمتد مقابل الحدود السعودية، من حدود الكويت إبلى خليج البحرين، وهي المنطقة التي هددتها بقعة الزيت في منطقة الخفجي.

وتركزت هذه البقعة بالقرب من أرصفة الموانئ وغيرها من المنشآت الساحلية التي تعترض مرور المياه في المنطقة القريبة من الساحل، وشوهدت ألسنة من المواد النفطية والدخان المتساقط تلوث الأرض، وتمتد لتغطي مساحات كبيرة من مياه الخليج.

وتوجد في هذه المنطقة العديد من النظم الايكولوجية المهمة، بما في ذلك الجزر المرجانية في المياه الإقليمية لدولة الكويت، مثل جزيرة "قاروه" المعروفة بنوعية الشعب لمرجانية التي تحيط بها والشواطئ الرملية التي تستخدم كمناطق للتزاوج بين السلاحف البحرية.

 

وتتميز جزيرة "كبر" بنفس الخواص، وقد تم اقتراح الجزيرتين كمحميات طبيعية. ومن المناطق الأخرى التي تعرف بالحساسية مناطق الخيران جنوب الكويت، وهي مناطق تجتذب الطيور البحرية والطيور المهاجرة من الدول الأوروربية وشمال آسيا، وهي أيضاً من المناطق التي تم اختيارها كمحميات طبيعية.

وقد تأثرت المستنقعات الملحية ومسطحات الطمي والشعب المرجانية في المنطقة، ويزيد من تاثير البقع النفطية التي تصل إلى الخليج، الملوحة المرتفعة التي تؤدي إلى بقاء الزيت طافياً فوق سطح الماء لفترات أطول.

واشتمل الدمار الذي وقع بسبب التلوث النفطي على توقف عمليات صيد الأسماك أو التقليل منها في بعض الدول الخليجية.

 

وتشير التقارير المتوافرة إلى أن ما يزيد على 50% من مناطق المد ومن الشعب المرجانية القريبة من شواطئ ومئات الكيلومترات من المناطق التي تغطيها الأعشاب البحرية قد تلوثت بسبب الزيت.

وهناك دراسة مبدئية عن حالة الشعب المحيطة بجزيرة "كبر"، اتضح منها ان هذه الجزيرة تأثرت بسبب تساقط القطرران من السحابة مع وجود الكثير من النفايات المهمة على الجزيرة بشكل يمكن أن يعيق خروج السلاحف من المياه.

كما أن آلاف الكياس من الرمل التي استخدمتها القوات المعتدية المتواجدة على الجزيرة اعاقت السلاحف عن الحفر في الأرض.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى